Final Fantasy XVI عالم جديد ناقص

 


ملاحظة:

حرق كامل للقصة!


يُعرّف الفيلسوف الألماني هيغل الملاحم قائلًا " إنّ الملاحم تملك بعدًا تأسيسيًا قويًا، وتحكي حلقة متصلة بالعالم الكامل لبلد ما أو لفترة من الزمن، فتكوّن الأسس الحقيقة للوعي، ولهذا تدور أحداثها على أرض مفتوحة للمعارك بين جميع أطراف الصراع من أبطالها". قد نختلف عن المستوى السياسي والمعارك التي شهدناها في فاينل فانتزي ١٦ خاصة أنّ الساحة المفتوحة للمعارك في اللعبة لا نرى فيها بشكل مكثف حروب جيوش ضخمة واستعدادات عسكرية أو شخصيات قيادية تنقذ الموقف أو تفسده، بل هي ساحة يسيطر عليها الأيكونز بقدراتهم المدمرة التي لا تحتاج استراتيجية عسكرية أو جيش يستميت لوطنه. هذه الفكرة تجسدها افتتاحية اللعبة في المفاوضات بين دولة ديهالمك ومحاولتهم في إقناع ملك Waloed   للمشاركة في المعركة. هيوغو صاحب أيكون العملاق ينهي هذه المفاوضات المملة باستدعاء الأيكون وتدمير كل من هم على ساحة المعركة حليف وعدو.

 العملاق هنا هو أداة للحماية والدمار في الوقت نفسه، وهذه هي الثنائية التي ستناقشها اللعبة من خلال الـeikons. وقتال Shiva في الافتتاحية يضع الأعمدة الأولى لثيم حرية الاختيار؛ جيل لم يسنح لها الفرصة للاختيار، ووجدت نفسها في وسط ساحة المعركة أمام عملاق يريد قتلها ومرتزقة في الخفاء يراقبونها. 

 التحول وثنائية الخير والشر 

بعد معركة عفريت والفينكس، وألسنة اللهب التي تدمر كل ما حولها ننتقل بعدها إلى كلايف، وهو يحدق في نار المخيم التي تجلب له الدفء. قد تكون هذه إشارة واضحة لثنائية النار المشابهة لثنائية الـEikons. الدمار والحماية أو الاحتراق والدفء ليست فقط للدلالة على ثنائية الخير والشر، بل أيضًا إشارة للتحول. وبالعودة لفكرة التحوّلات ووفق استخدام أوفيد في "التحولات" نجد أنّ مفهوم التحول يعني الانتقال من حال عُليا إلى حال دُنيا من بشر إلى مسوخ. فمثلا علاقة كلايف مع التيما هي علاقة ينظر لها كعلاقة تحول أكثر من أنها علاقة بين الخير والشر فمثلًا كلايف أمام تحول في أنّ يصبح  ميثوس أو  Logos . تعني  لوجوس الوعاء العاصي بمعنى أنّ كلايف هو الوعاء الذي لا ينصاع لمشيئة التيما بل لديه إرادة خاصة به وهذا عكس ميثوس التي تعني الوعاء المنتظر الذي ينقل فيه التيما روحه. فخلال اللعب نحن ننتظر الوصول للنهاية حتى نرى أي تحول سيكتمل وهذا مشابه لما فعله أوفيد نفسه في كتابه "التحولات" فبعد قصائد كثيره يتحول فيها الأبطال لشيء مختلف نصل للقصيدة الأخيرة التي يحقق فيها أوفيد الثبات أو استقرار البطل على تحول واحد. نفس المرحلة تحدث لكلايف فنرى في البداية أنه أصبح عبد وبعدها رجل معمي بالانتقام ومن ثم Mythos  ويستقر على التحول إلى Logos . لذلك، قصة كلايف ليست فقط قتال بين الخير والشر بل قصة عن تحولات بطل القصة. هناك أيضًا تحول آخر وهو التحول الذي ينشده التيما؛ الطائفة الدينية التي تعبده، ويرأسهم ملك Waloed بارنباس يسعون للتحول إلى مسوخ ويسمون في اللعبة Akashic. وستحدث أكثر عن لماذا بارنباس والقرويون يرون هذا التحول لمسوخ رمز للخلاص والنجاة لاحقاً. 


هناك تحول آخر حتمي في اللعبة يختلف عن تصور أوفيد للتحول؛ عندما ننظر لاسمJoshua   والفينكس نجد أنّه يوجد تشابه مع الديانة المسيحية خاصة لباس جاشوا الذي يوجد فيه صليب من الجهتين. موت جاشوا (أو على الأقل كما ظننا في الساعة الأولى من اللعبة) هو مثل الصلب، وبعد الصلب (الموت) تأتي مرحلة إعادة الولادة كشخص مختلف حكيم أكثر من السابق. وبالطبع نحن لا نؤمن بهذه الفكرة وهي لغرض التوضيح هنا فقط. مرحلة إعادة الولادة هي شرط أساسي للحصول على الحقيقة في اللعبة، فمثلًا في ماضي كلايف كمراهق نجد أنّ الـMotherCrystals  و قدرة الفينكس هي نعمة بالنسبة له، ولكن كلايف الشاب يرى أنها نقمة يجب التخلص منها للعيش في عالم أفضل. إعادة الولادة ليست حصرا على جاشوا وكلايف. سيد قائد الـHideaway كان تحوله بسبب اكتشافه لكذب ملكه بارنابس وفي المقابل باناديكتا صديقة سيد في السابق أيضًا حدث لها تحول، ولكنه تحول مشوهه لأنه مبني على ما يؤمن به بارنابس وليس باناديكتا نفسها.  لذلك، ليس التحولات كلها إيجابية والدليل هو نهاية باناديكتا. في الوقت ذاته، هذه التحولات يجب أنّ تكون اجبارية، فمثلًا في إحدى المهمات يقابل كلايف رجل كبير في السن يسكن قرية مهددة بالهجوم، ويرفض القيام بأي عمل أو الهروب من القرية مؤمنًا أنه سيعود يومًا من الأيام للعمل كعبد  في قصر الحكم لروزاريا وهو ينتظر من ٣٠ سنة هذا اليوم، ولكن في نهاية المهمة نجد أنّ القرية قد أُحرقت ومات من فيها. رفض الشيخ الكبير للتحول والتغير كان سببًا لموته. والمثير للاهتمام أنّ مهمات جانبية أخرى تتحدث عن نفس الفكرة: في مهمة وجدت نفسي مطالبًا بالبحث عن Bearer هرب من سيده ليعيش حياته حراً بلا قيود وبالطبع كلايف سمح له بهذا، ولم يكمل المهمة كما طَلب منه المالك.


العجوز والـBearer قاموا باتخاذ قرار ما عن حياتهم بغض النظر عن صحة القرار، ولكن هذا الخيار لا يقبله العالم نفسه وهنا يأتي حلم سيد في صانعة عالم ناقص لا يحل كل مشاكل البشرية، ولكنه يوفر لك حرية الاختيار. يذكرني سيد بالكاتب الإنجليزي ويليام جولدينج عندما حارب في أعماله لفكرة أنّ الخطر الحقيقي الذي يشكله الإنسان يُولد عندما تَحرمه من حريته في الاختيار؛ لأنه قد يفعل أبشع الأمور للحصول على حريته مرة أخرى. وعندما يخبرنا سيد عن حلمه في بناء عالم لا ينظر للعرق ولا القدرة على استخدام السحر ولكن يهتم بما تصنع من نفسك هو حلم صعب المنال وربما مستحيل في حالة عالم اللعبة. سيد يعلم هذا جيداً، فهو لن يستخدم القوة المطلقة أو العنف لإقناع الناس في أنّ من لديه القدرة لتسخير السحر هم بشر مثلنا؛ لأنّ العالم ليس جاهزاً لتقبل فكرة كهذه. تختلف  الشخصيات التي تحلم في ولادة عالم جديد عن سيد  لأنّهم يعتقدون  العنف هو الوسيلة الوحيدة  بالنسبة لهم لتحقيق هذا العالم مثل والد ديون الذي يستغل قوة بهاموت. عندما نأتي لشخصية مثل بارنابس نجده  يتفق مع سيد في تأثير الكريستال السحرية على البشر عندما قال:

 The war we unleash for the mother crystals it breaks us from within, hastening us to our own destruction.”

تتجه اللعبة هنا لنقاش المدينة الفاضلة أو الـ Utopia وجزء كبير من العالم يبدأ يحاكي هذه الفكرة فمثلًا كلايف في بدايات القصة هدفه هو الانتقام، ولكن هذا الهدف يسقط بسرعة عند معرفة كلايف حقيقة ما حدث في Phoenix gate  وتبدأ شخصيته بالتطور وفقا لفكرة سيد في بناء عالم جديد. 

هل توجد مدينة فاضلة؟ 

فكرة المدينة الفاضلة حاضرة بشكل كبير في الأدب، ولكن كما كان يقول فيودور دوستويفسكي، كل مدينة فاضلة مصيرها أنّ تصبح ديستوبيا أو مدينة فاسدة. وهناك أسباب كثيرة لهذا التحول، والمشكلة الأكبر في المدينة الفاضلة هو أنها قائمة على التحكم المطلق بالإنسان والبيئة. فمثلًا، في رواية الإخوة كارامازوف هنالك خوف من المدينة الفاضلة؛ لأنّ المدينة الفاضلة مبنية على فكرة تنظيم الحياة بأكملها بالعقل وحده والمساواة لتحقيق السعادة، ولكن كل هذا صعب تحقيقه دون التحكم الكامل بالإنسان؛ مما يعني أنّ الإنسان يجب أنّ يتخلى عن حريته، وهذا ما يُحارب ضده سيد وكل من هو مؤمن معه.

شخصية التيما في المقابل يؤمن بفكرة الـ World State  والتي تعني أنّ عقول المخلوقات الواعية (الإنسان) متصلة بعقل واحد، مما يعني أنّ كل المشاعر والأفكار  لا تنتمي إليهم فحسب، بل لعقل  واحد مشترك يعرف أفكار ومشاعر كل فرد في المجتمع ويتحكم بها. فشعب التيما متصلين بوعي واحد وبهذه الطريقة هم قادرين على تحقيق أهدافهم دون أنّ ينحرف أحد منهم عن هذه الإرادة. الجدير بالذكر أنّ فكرة العقل المشترك ظهرت أول مرة على يد الكاتب البريطاني H.G. Wells  في رواية Men Like Gods وفيها البشرية تحمل إرادة واحدة ونتيجة الإرادة المشتركة نجح البشر  في غزو معظم الكواكب وتحويلها لبيئات صالحة للعيش وأيضًا عملوا على  تحسين التكوين الجسدي للإنسان. 


قطعًا هدف الكاتب ويلز للعقل الواحد مختلفة عما هو موجود عند التيما خاصة أنّ التيما لا يقوم بهذا من أجل البشر، بل هو يُريد إبادة البشرية بتحويلهم لـ Akashic ويجمع منهم الطاقة لتفعيّل التعويذة ولكن ويلز والتيما متشبهين في رغبتهم في بناء إرادة واحدة مشتركة بغض النظر عن الغاية.

 

 التيما طوال اللعبة لم يكف عن الحديث عن الإرادة والوعي كأساس المشكلة. فكما كان يقول العالم النفسي كارل يونغ أنّ الوعي يتكون من عمليات استقبال، استيعاب، تقييم، حدس، إرادة، غريزة وأحلام. المشكلة تكمن في تفاوت مستويات الوعي بين البشر، وهذا شيء الظاهر على شخصيات كثيرة تقابلهم مثل هيوغو وبانديكتا أو أنابيلا لذلك فكرة بناء عالم جديد صعب علينا أنّ نضعه في يد مثل هؤلاء الشخصيات.  وبارنابس هو من أكثر الشخصيات الواعية لهذا الشيء فكما كان يقول لكلايف في مشهد البحر: 


“The Chain of volition (will) shackle all of mankind . . . For too long has mankind been led astray by their clamorous wills, it is time they returned to a world of quiet equality.”


بارنابس يفهم تمامًا هذه المشكلة وهو بشكل كبير متأثر بفكرة التيما للعقل المشترك، ولكن بارنابس نسيَ أنه بشر محكوم بمشاعره ولا شيء يمكن أنّ يغير ذلك. هذه المشاعر استغلها التيما بوعده الزائف في لم شمل بارنابس مع والدته لذلك حتى عندما مات بارنابس كلمته الأخيرة هي Salvation  أو الخلاص، وهو يعني الخلاص من التفكير وشعور الفقد والعودة لمقابله والدته في عالم التيما. عندما يقول بارنابس أنّ البشر أضلوا الطريق بتباع إرادتهم أفكر في مهمة For Great Justice II عندما نكتشف حقيقة أنّ كونتين قام ببناء LostWing وحرر العبيد من أجل هدفه بالانتقام من شخص ما. قصة كوانتين مثال على سقوط الإنسان بسبب إرادته والحل هو فكرة التيما عن العقل الواحد. مشكلة الإنسان هي إرادته فهي التي تسبب سقوطه فمثلاً لو لم يكن للعبيد الذين حررهم كونتين إرادة لما كانوا ليتبعوه لمكان المعركة وخسارة أرواحهم بسبب هدف كونتين في الانتقام. قد يقول أحدهم بسيطة كونتين أثر فيهم أيما تأثير وذهبوا يتبعونه مثل الحشرات عندما تتبع الضوء، ولكن في الحقيقة كونتين لم يُؤثر أو يطلب من أحد أنّ يتبعه، هم من فعلوا ذلك بأنفسهم.

 

كلايف يتشابه مع التيما لأنّ كلاهما لديهما الإرادة لبناء عالم جديد فمثلًا عالم كلايف لا يخلو من الألم والمعاناة، ولكن في المقابل هو عالم غير ثابت، فيه حرية الاختيار والإرادة لعيش الحياة التي يريدها كل فرد بعكس التيما وشعبه الذي سيعيش حياة بلا ألم أو فوضى ، ولكن العالم ثابت بلا حرية ووعي خاص لكل فرد  وبالنسبة لبارنابس والطائفة الدنية التي تعبد التيما  في المهمة الجانبية Duty undying II  التحول لمسوخ أو  Akashic هو نعمة وخلاص يُعيد ولادتهم مجددا من دون إرادة تعذبهم بالتفكير، وهذا مشابه لما قاله الأديب المتشائم كافكا عندما قال إن أول علامة من علامات بدء الفهم هي الرغبة في الموت. فهذه الطائفة حكمت على نفسها بالموت؛ لأنها فهمت أنّ الحياة مع الإرادة لا معنى لها، ولا يوجد فيها خلاص كما فهم الأديب كافكا أن الحياة عبثية بلا معنى فلا قيمة للعيش والبحث عن المعنى.  والمدرسة العبثية أختلف معها شخصيًا ولا أعتقد أنّ اللعبة تحاول إثبات عبثية الحياة أو تقديم العقل المشترك أو ما يسمى بالـWorld State كحل لمشاكل البشرية.

 

لعبة فاينل فانتزي ١٦ تنتقد العقل المشترك والحياة من دون إرادة من خلال بطل القصة كلايف. فحلم كلايف ليس حلمه وحده، بل هو تراكم أحلام كل من عرفه  خلال رحلته. فهو متأثر بشكل كبير بحديث سيد عن العالم الجديد ولاحقًا نعلم أنّ والد كلايف كذلك كان يعمل من أجل عالم بلا ـMotherCrystals عن طريق تمويل أبحاث لتقنيات بديلة للسحر. بمعنى آخر، البشرية يمكنها تحقيق أهدافها وبناء عالم أفضل حتى مع اختلاف وعيهم وإرادتهم، وهم ليسوا بحاجة لعقل واحد مشترك كما هو موجود في رواية Men Like Gods وشعب التيما.

العالم الذي صنعه كلايف هو عالم ناقص؛ لأنّه لم يتخلص من الـBlight ولا يضمن عدم حدوث مشاكل وصراعات أخرى، ولكن هو عالم يعطيك الخيار، ولا يقرر عنك. فكلايف بعد انتصاره على التيما ذكر الأشياء التي سلبت الناس حرية الاختيار: Bearers, Dominants, Crystals, Magick. بعد ذلك، عندما يحمل كلايف جثة جاشوا ويجهش بالبكاء يتذكر الماضي وبالتحديد اليوم الذي بارك جاشوا كلايف بقوة الفينكس ولكن لا أعتقد أنّ هذه ذكرى عابرة. في تلك الذكرى جاشوا لم يختر أنّ يكون حاملاً لقوة الفينكس وكلايف لم يختر أنّ يكون حارس  الفينكس، فبسبب ذلك اليوم حدث كل ما حدث لذلك بكاء كلايف هو أيضًا بسبب القهر والألم من ذلك اليوم. ومحتمل أيضًا بكاء كلايف بسبب ناجحه في اختيار كيف سيواجه مصيرة؛ لانه سابقا كان محتم عليه أن يصبح وعاء التيما ولكن كلايف استطاع تغير ذلك المصير.


نحن نعلم أنّ مشكلة الـBlight ستبقى؛ ولذلك التيما يسأل كلايف عن تصوّره لما سيحدث للعالم وكلايف يُجب ببساطة أنّه لا يعلم، ولكنه يعتقد أنّه سيكون عالمًا مليئاً بالحزن وارتكاب الذنوب. وهنا يشير كلايف لحقيقة البشر في أنّهم مخلوقات ناقصة مع ذلك نتطلع دائما لمستقبل أفضل. شيء من الحزن يستولي على الاعب وكلايف نفسه عند كشف حقيقة العالم ودوافع التيما ولكن هذا الكشف للحقيقة والنهاية المفتوحة نوعا ما ليس بهدف التشاؤم حول المستقبل، بل فرصة يقبل فيها كلايف مسؤوليته اتجاه العالم وعواقب اختياراته وصحيح أنّ كلايف لن يكون موجوداً في هذا العالم الناقص، ولكنه سيعيش في الذاكرة وكذلك الكتاب الذي ظهر في النهاية سيعمل كوسيط يجلب ماضي كلايف وما حدث معه برحلته للحاضر الجديد ومن هنا يمكن تدارك العالم الجديد في أنّ لا يصبح نسخة من الماضي.


 المثير للاهتمام هو استمرار مشهد النهاية ونرى أم تخبر أطفالها بأن قصة عفريت وبقية الـ Dominants هي من محض الخيال، فهل هذا يعني أنّ البشر لم يأخذوا ما حدث مع كلايف بمحمل الجدية ومصدر للعظة والعبرة؟  وربما لا تُهم الإجابة على هذا السؤال؛ لأنّ كلايف صنع عالماً جديداً من دون المشاكل التي دمرت العالم السابق فلماذا يهتمون لهذا الخيال؟  في الوقت نفسه، هذا لا يعني أنّ الكتاب لا قيمة له؛ لأنّ القصص التي حدثت في فاينل فانتزي ١٦ تتناسب مع أي زمان ومكان في تاريخ البشرية. فمثلاً الـMothercrystals و الأيكونز يتشابهون مع الموارد الطبيعية والصناعية المسببة للصراع بين الأفراد والدول في طمعهم بالحصول على أكبر قدر ممكن من هذه الموارد. علاوة على ذلك، فكرة العبودية الموجودة والمتمثلة في الـ Bearers هي دليل على تأثير الثقافات والحكومات في تعزيز صورة خاطئة عن طائفة من المجتمع، وهذا موجود في عالمنا الحالي، فتجد حكومات ومنظمات تبني أيديولوجية أو صورة نمطية كاذبة. وفي المقابل المجتمع يعزز هذه الصورة عندما يقبلها وتصبح هي الحقيقة ولا يُقبل غيرها. فكما قال الرجل الغريب في المهمة الجانبية Inconvenient Truth إذا كان هناك عدد كافِ من البشر مؤمنين بأنّ مجموعة من الأحداث وقعت لسبب ما سيتحول هذا الإيمان أو الاعتقاد إلى حقيقة يصعب تغييرها، لذلك يَصعب تغير الاعتقاد الذي تحول لحقيقة لأنّ الحكومات والمجتمع اتحدوا لترسيخ فكرة أنّ الـ Bearersلا يعدون من البشر ودورهم في الحياة هو العمل لأجلنا فقط! 

 

" أينَ ما تنتهي الرحلة... تبدأ رحلة أخرى."

 

 

 

 

 

تعليقات

  1. مراجعة استمتعت بقرائتها ، تركيزك على هذه القصة الرائعة و ربطك بالروايات و أنواع القصص المتشابهة أحببت كلايف و كتابته و خاصةً لحظة تقبل كلايف حقيقته و قتاله ضد ذاته قد يبدو مبتذلاً لكني استمتعت به و سيظل مشهدً خالد بذهني

    شكراً لك على هذه المراجعة و لا أستطيع وصف سعادتي بقرأتها

    ردحذف

إرسال تعليق